Kurdish feminist movement

516333 4

جويس كرم/

الاتصال الهاتفي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأميركي دونالد ترامب في السادس من أكتوبر كان أشبه بتجربة سائح غربي في بازارات إسطنبول، حيث يخيل للمشتري أنه حصل صفقة، فيما أنه وقع في فخ المجاملات ودفع أضعاف القيمة المستحقة.

بدل البازار الاسطنبولي كان الملف السوري هو الحاضر بين ترامب وأردوغان، ومن حظ الرئيس التركي أنه نجح في الوصول لترامب بعد ظهر الأحد حيث معظم الكبار في إدارته في عطلة نهاية الأسبوع.

نعرف أن ترامب خرج عن النقاط الموضوعة للاتصال ولمح بضوء أخضر أميركي لدخول تركيا عسكريا إلى سوريا، بعد أن أشبعه أردوغان كلاما حول المنطقة الآمنة الشاسعة والمريحة والتي ستستوعب ملايين اللاجئين ولا تهدد الوجود الأميركي.

العملية التركية لا تمضي اليوم بالسرعة التي أرادها أردوغان

​​بعد الاتصال ها هو ترامب، على عادته، يكشف أسرار الحكم عبر حسابه على موقع تويتر ويغرد حول العملية والمنطقة الآمنة واللاجئين وكأنه تناول بوظة الداندورما التركية.

ساعات بعد هذه التغريدات يعود ترامب ومستشاريه إلى موقع تويتر بتوضيحات بأن أميركا ستحطم اقتصاد تركيا وتضع أقصى العقوبات في حال تخطت حدودها في العملية.

نكتشف بعد يومين ومع انطلاق العملية التركية أنها ليس فقط تخطت حدودها الجغرافية بالوصول إلى عين العرب (كوباني) وعسكريا باستخدام جهاديين يشتبه بارتكابهم جرائم حرب، بل أيضا بتهديد الأميركيين مباشرة والتصويب على قاعدتين عسكريتين في أقل من أسبوع في كوباني وعين عيسى.

هذه التهديدات لم تترك مجالا للأميركيين ووزارة الدفاع سوى إعلان الانسحاب والموافقة ضمنيا على صفقة بين القوات الكردية والنظام السوري برعاية روسيا. فالنخبة العسكرية الأميركية تفضل إلى حد كبير صفقة لحلفائها مع روسيا قبل تركيا في سوريا، فيما الخارجية الأميركية ترى العكس.

وفي المخاض الأميركي وجهود الإدارة لتصحيح مسار ترامب بدأت واشنطن فرض عقوبات على الوزارات التركية المعنية بالعملية، وأوفدت نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو إلى أنقرة لتصحيح الخلل.

مشكلة أميركا اليوم مع التدخل التركي ليست في انتهاكه للسيادة السورية أو القانون الدولي وليس حتى لأنه أجبرها على الانسحاب. المشكلة الأساسية لواشنطن في تحرك أنقرة هي في أنه يفتح جبهة عدم استقرار في شمال شرقي سوريا، ويفيد "داعش" والأسد وإيران، ويخلق أزمة إنسانية جديدة لأكثر من 150 ألف نازح، وأخرى أمنية مع التقارير عن هروب مقاتلي "داعش" من السجون.

أطلق التدخل التركي، بعد أسبوع على بدايته، موجة اعتراض دولية صاخبة من قاعات الكونغرس في واشنطن إلى الاتحاد الأوروبي في بروكسل والجامعة العربية في القاهرة، وهي موجة لن تتوقف.

الأهم من ذلك، هو أن العملية التركية لا تمضي اليوم بالسرعة التي أرادها أردوغان وستكون على الأرجح عاجزة عن خلق منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتر بسبب صفقة الأكراد مع الأسد.

المنطقة الآمنة التي عرضها الأميركيون على أردوغان أكبر مما سيحصل عليه اليوم

​​فالصفقة تمت أسرع مما توقعته تركيا، والنظام اليوم يسابق تركيا إلى المناطق الشمالية فيما تدخل روسيا القواعد التي كانت للأميركيين مع بدء الانسحاب. وتشير التقارير الأولية إلى أن النظام اليوم بات على بعد 6 كيلومترات من الحدود التركية، والخرائط لصفقته مع الأكراد لن تترك أكثر من كيلومتر واحد لهكذا منطقة.

طبعا، يستفيد أردوغان من انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية، ولا مانع لديه في انتشار النظام إنما المنطقة الآمنة التي عرضها عليه الأميركيون (بعمق 6 إلى 9 كيلومتر) هي أكبر مما سيحصل عليه اليوم.

المشكلة الأكبر أيضا أن تدخل تركيا، صاحبة ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أسّس لشرخ كبير بين أنقره والغرب وبداية عقوبات لن تتوقف إلا إذا توقف أردوغان، وهو أمر غير متوقع.

الأزمة التركية ـ الأميركية في بدايتها، وكذلك العملية التركية في سوريا. خطأ ترامب كان في التسرع وتصديق خطة، من أول نتائجها إحراج وإخراج الأميركيين من سوريا، في حين قد تطول المغامرة التركية في الشمال السوري على وقع العقوبات والتدهور السريع في العلاقات بين أنقرة والغرب.

اقرأ للكاتبة أيضا: الهجوم التركي على الأكراد.. تناغم مصالح "الأعداء"

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).

 

أردوغان تحايل على ترامب في بازار سوريا C07BBBDE-9225-44C8-91D2-D13C375FED58.jpg AFP أردوغان-تحايل-على-ترامب-في-بازار-سوريا مقاتلان سوريان مدعومان من تركيا خلال معارك في بلدة راس العين 2019-10-16 13:35:31 1 2019-10-16 13:49:32 0

Related Stories

لقاء أرشيفي بين الأسد وأردوغان

في سبتمبر 2011، وبعد ستة أشهر على انطلاق تظاهرات سلمية ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد وقمعها دمويا، أعلن رجب طيب أردوغان، وكان في حينها رئيسا للوزراء، أن "الشعب السوري لم يعد يصدق الأسد، وأنا أيضا".

لكن اليوم يقدم أردوغان "هدية" بالغة الأهمية للأسد بعد أن أطلقت تركيا هجومها على القوات الكردية في شمالي سوريا تحت اسم "نبع السلام"، مثيرة ردود فعل شديدة من المنطقة وانتقادات دولية.

وبعد نحو أسبوع من انطلاقها وتسببها بنزوح آلاف توقفت العملية التركية نتيجة وساطة أميركية بقيادة نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو الخميس.

ويقول مدير مركز الشرق للبحوث سمير تقي إن أردوغان "قدم هدية للنظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين تتمثل في دخول قوات الأسد لمناطق سيطرة الأكراد ومن ثم الانتشار على كامل الشريط الحدودي مع تركيا".

ويضيف تقي في حديث لموقع "الحرة" أن انتشار قوات النظام السوري في مناطق جديدة سيقوي موقف الأسد عسكريا وسياسيا خلال المفاوضات مع قوى المعاوضة الرامية لإيجاد حل للازمة السورية".

ومن المؤكد أن تركيا تخشى قيام منطقة حكم ذاتي للأكراد في سوريا بقيادة قوات كردية قريبة من حزب العمال الكردستاني، والذي يخوض نزاعا مسلحا مع أنقرة.

لكن هذه المخاوف التركية "تبددت بعد أن اضطر الأكراد في سوريا إلى الانتقال من جانب المعارضة إلى عقد حلف ضرورة مع النظام وتقديم تنازلات تتعلق بالفيدرالية وغيرها من الحقوق التي كانوا يطالبون بها تحت ضغط نبع السلام"، وفقا لتقي.

وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية الأحد الاتفاق مع الحكومة السورية على انتشار الجيش على طول الحدود مع تركيا لمؤازرة قوات سوريا الديموقراطية في تصديها لهجوم أنقرة.

وبموجب الاتفاق، انتشرت وحدات من جيش النظام السوري خلال اليومين الماضيين في مناطق حدودية عدة، أبرزها مدينتا منبج وكوباني في محافظة حلب شمالا.

ويصر الأكراد على أن الاتفاق مع دمشق "عسكري"، ولا يؤثر على عمل مؤسسات الإدارة الذاتية التي أعلنوها بعد سيطرتهم على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق البلاد.

ويتوقع مدير مركز الشرق للبحوث أن "تسيطر قوات النظام السوري على مناطق جديدة في منطقة الجزيرة السورية بدعم من الإيرانيين الذين بدأوا بالفعل نشر قواتهم في مناطق دير الزور والرقة وغيرها من المدن الخارجة عن سيطرة الأسد".

وبالإضافة لذلك يرى سمير تقي أن "انسحاب الولايات المتحدة من سوريا أخلى الجو لقيام تحالف عضوي جديد بين الروس والإيرانيين والأتراك ستكون له تداعيات خطيرة على المعارضة السورية، قد تؤدي بالنهاية إلى تركيعها وخضوعها لهذه الأجندات، وهذا كله يصب في مصلحة الأسد وتقوية نظامه".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمر بسحب كل الجنود الأميركيين من شمال سوريا - والبالغ عددهم حوالي 1000 جندي - وذلك بالتزامن مع شن تركيا للهجوم العسكري ضد الفصائل الكردية الحليفة لواشنطن والتي تسيطر على هذه المنطقة.

لكن ترامب عاد وقال إن "القوات الأميركية التي تخرج من سوريا ستنفذ الآن عملية إعادة انتشار وستبقى في المنطقة لمراقبة الوضع ومنع تكرار ما حصل في عام 2014" عندما سيطر تنظيم داعش على مناطق واسعة في سوريا والعراق.

وواجه قرار ترامب سحب القوات الأميركية من المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد ممهدا الطريق للهجوم التركي، انتقادات واسعة داخل بلاده، واعتبر خيانة للأكراد الذين تحالفوا مع الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الأحد أنه سيتم سحب الف جندي أميركي أي قرابة القوة الأميركية المتواجدة في سوريا بأكملها، من شمال سوريا.

وتدخلت روسيا لملء الفراغ الذي تركه الجنود الأميركيون ونشرت دوريات لمنع أية اشتباكات بين القوات السورية والتركية.